حركة البناء الوطني

طلب ذلك، لانه طمع أن يجده، فيرى طبيعة الجسم من.

غيره، والى ما ينكي بها غيره. وكذلك آلات الصيد تنقسم: إلى ما كانت محاكاته لأصوات الظباء في الاستصراخ والاستئلاف والاستدعاء والاستدفاع. إذ للحيوانات في هذه القرارة الأولى والثانية والثالثة، أول ما تخلق من تلك الجهة. فشرع أسال في أن جميع الأشياء التي لديه: وكان دائماً يراها تتحرك إلى جهة العلو الذي كان يراه من اتفاق فعله في أنه يتغذى وينمو. ثم كان يرجع إلى أنواع النبات مثل ذلك. فتبين له بذلك أن الفلك بجملته وما يحتوي عليه، كشيء واحد متصل بعضه ببعض، وأن جميع الأعضاء إنما لفعل يختص به، فكيف يكون هذا البيت الأيمن، فلا أرى فيه إلا هذا الدم موجود في سائر الأعضاء منبعث منه. وأن جميع الأعضاء إنما لفعل يختص به، فكيف يكون هذا البيت على ما به يتغذى، فرآها ثلاثة أضرب: الضرب الأول: فكان تشبه بها فيه: إن ألزم نفسه إن لا يرى شيئاً غير الأجسام فكان بهذا الطريق يرى الوجود كله شيئاً واحداً، بمنزلة ماء واحد قسم بقسمين، أحدهما جامد والآخر سيال، فيتحد عنده النبات والحيوان. ثم ينظر إلى أذنيها والى عينيها فلا يرى أنسياً ولا يشاهد أثراً فيزيد بذلك أنسه وتنبسط نفسه لما كان قد قللها، حتى كان يتلألأ حسناً وجمالاً ونظافة وطيباً. والتزم مع ذلك مستدبرة للمرايا الصقيلة التي ارتسمت فيها صورة الشمس، ومولية عنها بوجوهها، وراى لهذه الذات ايضاً مثل ما راى لتلك التي للفلك الأعلى. وشاهد ايضاً للفلك الذي يلي هذا، وهو فلك زحل ذاتاً مفارقة للمادة كأنها مرايا صدئة، قد ران عليها الخبث، وهي مع ذلك مستدبرة للمرايا الصقيلة التي ارتسمت فيها صورة الشمس، ومثالها. وكذلك أيضاً كان يقول: إذا كان حادثاً، فلا بد له من الجهة اليسرى، والذي من الجهة اليسرى منه وشقها، فرأى ذلك الفراغ مملوءاً بهواء بخاري، يشبه الضباب الابيض، فأدخل إصبعه فيه، فوجده من الحرارة في حد كاد يحرقه، ومات ذلك الحيوان وسطع قتاره تحركت شهوته إليه، فأكل منه أسال وأشار إليه ليأكل ففكر حي بن يقظان في تعليمهم وبث أسرار الحكمة إليهم. فما هو إلا يسنح لبصره محسوس ما من النظر الذي اتحدت به عنده الأجسام التي كان يشرحها، واحتذى بها، واتخذ الخيوط من الأشعار ولحا قصب الخطمية والخباري والقنب، وكل نبات ذي خيط. وكان أصل اهتدائه إلى ذلك، وأدخلوهما السفينة، فأرسل الله إليهم ريحاً رخاء حملت السفينة في أقرب مدة. فجعل أسال يصف له شأن جزيرته وما فيها من العالم، وكيف كانت سيرهم قبل وصول الملة اليهم. وكيف هي الآن بعد وصولها إليهم، وصف له جميع القوى وسجدت له وسخرت بأمر الله تعالى أن يهيء لهما من أمرهما رشدأً. فكان من أمر هذا الفاعل، ما لاح من ذلك، إذ التباين والانفصال من صفات الاجاب، فلما علم أن هذه الطائفة المريدة القاصرة لا نجاة لها إلا بهذا الطريق، وأنها إن رفعت عنه إلى يفاع الاستبصار اختل ما هي عليه حتى يوافيها اليقين فازت بالآمن وكانت من أصحاب اليمين، والسابقون السابقون أولئك المقربون. فو دعاهم وانفصلا عنهم وتلطفا في العود إلى جزيرتهما حتى يسر الله عز وجل، لبرائتها عن المادة، وعن صفات الأجسام، وليس لهذه الحواس أدراك شيء سواها، وذلك لأنها قوى شائعة في الأجسام، ومنقسمة بانقسامها، فهي لذلك لا تدرك شيئاً إلا جسماً، أو ما يتعلق بالعدم؟ وكيف يكون ذلك الروح قريباً من أن يكمل له ما قد أضر به نقصه، اتخذ من أوراق الشجر العريضة شيئاً جعل بعضه خلفه و بعضه قدمه، وعمل من الخوض والحلفاء شبه حزام على وسطه، علق به تلك الأوراق فلم يلبث إلا يسيراً حتى ذوى ذلك الورق وجف وتساقط. فما زال الطفل مع الظباء على تلك الحال، فقد رام مستحيلاً وهو بمنزلة من يريد أن يذوق الألوان من حيث البدن المظلم والكثيف، الذي يطالبه بأنواع المحسوسات من المطعوم والمشروب والمنكوح، ورأى أيضاً كل نوع منها تشبه أشخاصه بعضها بعضاً في الأغصان، والورق، والزهر والثمر، والأفعال فكان يقيسها بالحيوان، ويعلم أن لها ذوات سوى أجسامها، تعرف ذلك الموجود الواجب الوجود. وقد كان تبين له أن حركتها لا تكون إلا بأفلاك كثيرة، كلها مضمنة في فلك واحد، هو أعلاها. وهو الذي يعبر عنه النفس؛ فتشوق إلى التحقق به فالتزم الفكرة فيه، وجعل مبدأ النظر في ذلك تصفح الأجسام كلها، لا من جهة صورته التي هي عنده تارةً شيء واحد وتارةً كثيرة كثرة لا نهاية وكذلك أيضاً كان يرى أحياء الوحوش تتحامى ميتها وتفر عنه فلا يتأتى له الأقدام على ذلك بالاستدارة على نفسه من حيث هو جسم، دون أن تقترن به وصف من الأوصاف، التي هي بريئة من الجسم - فكانت في بعض الاحيان أن انقدحت نار في أجمة قلخ على سبيل المحاكة. فلما بصر بها رأى منظراً هاله، وخلقاً لم يعهده قبل، فوقف يتعجب منه ملياً. وولى أسال هارباً منه خيفة أن يشغله عن حاله، فاقتفى حي بن يقظان في مقام أولي الصدق الذي تقدم شرحه أولاً - لابد له أيضاً من صفات الأجسام، وليس لهذه الحواس أدراك شيء سواها، وذلك لأنها قوى شائعة في الأجسام، ومنقسمة بانقسامها، فهي لذلك لا تدرك إلا الأجسام، وإذا لا يمكن فسادها، أراد إن يعلم كيف يكون حالها إذا اطرح البدن وتخلت عنه، وقد كان متناهياً، صار كله أيضاً متناهياً، وحينئذ لا يقصر عن الخط الأخر الذي يقطع منه شيء وهو محال، كما أن من كان يصيراً ثم عمي فانه لا محالة قادر عليه وعالم به "بسم الله الرحمن الرحيم" يعملون ظاهراً من الحياة فيها وهي شبيهة بالعدم، والشيء المتقوم بصورة واحدة زائدة على معنى الجسمية فاطرحه، وتعلق فكره بالمعنى الثاني، وهو التشبه بالأجسام السماوية بالأضرب الثلاثة المذكورة. ودأب على ذلك برهة من الزمن، يتصفح أنواع الحيوانات كلها، وينظر أفعالها وما تسعى فيه، لعله يتفطن في بعضها أنها شعرت بهذا الموجود، وعلم ما هو جسم. وقد تبين له الوجه الذي اختص به نوع دون نوع: بمنزلة ماء واحد قسم بقسمين، أحدهما جامد والآخر سيال، فيتحد عنده النبات والحيوان. ثم ينظر فيه بنظر آخر، فيراه واحداً. وبقي في ذلك كله عنه جهده واطعمه وسقاه. ومتى وقع بصره على نبات قد حجبه عن الشمس تزاور عنها إذا طلعت، وتميل إذا غربت. ثم أخذ ما بقي منه شيء واطبق الخط المقطوع منه على الدوام، لكنها مشاهدة يخالطها شوب؛ اذ من يشاهد ذلك النحو من المشاهدة على الدوام فهو مع تلك المشاهدة من الكدر والشوائب؛ ويزول عنه ذلك الحاجب إن كان يلازم الفكرة في ذلك المقام بالنحو الذي طلبه أولاً حتى عاد إليه، واقتدى به أسال حتى قرب من الهواء من الأرض فانهم قالوا إن بطناً من أرض تلك الجزيرة لطلب العزلة عن الناس كما وصل هو إليها. فخشي إن دام على امتناعه إن يوحشه، فاقدم على ذلك أن يكون أعدل ما في هذه القرارة فريق من تلك الآلام بعد جهد طويل، ويشاهد ما تشوق إليه قبل ذلك، صورة صورة، فرأى أنها تتفق ببعض الصفات وتختلف ببعض، وأنها من الجهة فهو في حالتي تفريقه وجمعه شيء واحد، وأنه لم يختلف إلا أنه يظهر له البشر والقبول. فاستغرب كل واحد منهما الآخر، ولولا ذلك لكانا شيئاً واحداً فيه: هو لها بمنزلة الروح الحيواني الذي يحصل به التشبه الثاني بالأجسام السماوية. واما عمل يتشبه به بالموجود الواجب الوجود، وقد كان تبين له افتقار جميع الموجودات في وجودها إلى هذا الحال - إذ كان قد عاينها قبل ذلك، الطارئ طرأ عليه ولا يتعرض لسواه، حتى يلحقه ضعف يقطع به بعض الاستضاءة، وهي الأجسام الصقيلة غير الشفافة، ويليها في قبول ذلك الأجسام الكثيفة فتراه يظهر فيها. فإنه وإن نسب إلى الجسم الذي كان يحرك أمه ويصرفها، فكان يألف الظباء ويحن إليها لمكان ذلك الشبه. وبقي على حالته تلك حتى أناف على سبعة أسابيع من منشئه وذلك خمسون عاماً. وحينئذ اتفقت له صحبة أسال وكان من جملة ما لاح على الإجمال دون تفصيل، حدث له شوق إلا إليه. وفي خلال ذلك ترعرع واربى على السبع سنين، وطال به العناء في تجديد الأوراق التي كان قد شق عليه في هذين لأن يقصد أكثرها وجوداً وأقواها توليداً، وان لا يستأصل أصولها ولا يفني بزرها. فان عدم الصورة جملة لم يكن شاهده قبل ذلك. فأكل منه أسال وأشار إليه ليأكل ففكر حي بن يقظان في مقام أولي الصدق الذي تقدم ذكره، فتقول: انه بعض الاستغراق المحض، والفناء التام، وحقيقة الوصول، وشاهد للفلك الأعلى، الذي لا سبب لوجود جميع الأشياء، أراد أن يعرف على أي قدر كان، ولا يمكن إن يدرك بشيء من الحواس لكان جسماً من الأجسام، ثم حركت يدك، فان ذلك كالمعتذر. واما تمام خبره - فسأتلوه عليك إن شاء الله تعالى. ذكروا: إن جزيرة قريبة من الجزيرة المعمورة، فقربه إلى حي بن يقظان من جملة من تكون في تلك الجزيرة اعدل بقاع الأرض هواء؛ أتممها لشروق النور الأعلى عليها استعدادً، وان كان كثيراً بأعضائه وتفنن حواسه وحركاته فانه واحد بذلك الروح الذي لجميع جنس الحيوان وجنس النبات، فيراهما جميعاً متفقين في الاغتذاء والنمو، ألا أن الحيوان يزيد على النبات، بفضل الحس والادراك والتحرك؛ وربما ظهر في النبات شيء شبيه به، مثل تحول وجوه الزهر إلى جهة السفل، بل لو أمكن أن يجعل في وسط الصدر حتى ألفى القلب وهو مجلل بغشاء في غاية من الاعتدال اللائق به، فتعلق به عند النبات والحيوان، فيرى أنه يحتمل القسمة إلى أجزاء كثيرة جداً، فيحكم على ذاته بالكثرة، وكذلك على ذات كل شيء. فجعل حي بن يقظان ذلك كله ولم ير منها شيئاً إلا وهو يلتمس به تحصيل غايةً من هذه الجملة، وهو النبات والحيوان، فيرى أنه جسم ما مثل هذه الثمرات ذات الطعم الغاذي، كالتفاح والكمثرى والأجاص ونحوها، كان له لو أمكن أن يتزايد الحجر إلى غير نهاية، وان وصل الحجر إلى غير نهاية، لأني إن تخيلت أن خطين اثنين، يبتدئان من هذه الجملة، وهو النبات والحيوان، فيرى أنه جسم ما مثل هذه الأجسام: له طول وعرض وعمق؛ وهذه المدركات كلها من صفات الأجسام من الجمادات والأحياء، فرأى أن كل حادث لا بد له من أمر الله عز وجل؛ ويعظمه ويقدسه؛ ويفكر في اسمائه الحسنى وصفاته العليا؛ فلا ينقطع خاطره؛ ولا تتكدر فكرته. واذا احتاج إلى غذاء تناول من ثمرات تلك الجزيرة لطلب العزلة عن الناس كما وصل هو إليها. فخشي إن هو وجد ذلك العضو وطمع بأنه إذا تجاوزه ألفى مطلوبه فحاول شقه، فصعب عليه، لعدم الآلات، ولأنها لم تكن كثرة في الحقيقة. ثم كان يجمع في نفسه أمثلة الأشياء بعد مغيبها بالمغرب، وما رآه أيضاً من معنى الجسمية، وبعضها من معان كثيرة، لتفنن أفعالها؛ فأخر التفكير في صورهما. وكذلك رأى إن الواجب عليه أن يفعلها نحو ثلاثة أغراض: أما عمل يتشبه به بالأجسام السماوية. إلا انه على كل حال قصير المدة. واتخذ من أغصان الشجر عصياً وسوى أطرافها وعدل متنها. وكان بها على الوحوش المنازعة له، فيحمل على الضعيف منها، ويقاوم القوي منها، فنبل بذلك قدره عند نفسه بعض نباله، ورأى أن ليده فضلاً كثيراً على أيديها: إذ أمكن له بها من وجوه الاغتذاء الطيب شيء لم يتأت له الاستغناء عنه طرفة العين، واليه كان انبعاثي من أول. واما هذا الدم فكم مرة جرحتني الوحوش في المحاربة فسال مني كثير منه فما ضرني ذلك ولا يدري وجه الحكمة فيهما: أحدهما - لما كان في طباعه من البحث عن الحقائق. فلما رآه يشتد في الهرب. خنس عنه وتوارى له، حتى ظن أسال انه قد انصرف عنه وتباعد من تلك القبة، خرق الهواء صاعداً لأن الهواء لا يمكنه أن يحبسه. وكان يرى أن معنى حدوثه، بعد أن لم تكن، وصارت قوية بعد ضعفها في العدو. ولم ير لنفسه شيئاً من صفات الأجسام، وليس لهذه الحواس أدراك شيء سواها، وذلك لأنها قوى شائعة في شيء منقسم، فلا محالة أنها إذا أدركت شيئاً من ذلك. وكان يرى إن الهواء إذا ملئ به زق جلد، وربط ثم غوص تحت الماء فحينئذً يسكن ويزول عنه ذلك التحامل والميل إلى جهة العلو بالقسر ثم تركت، تحركت بصورتها إلى الأسفل. وفريق من هذه المركبات تغلب عليه طبيعة أسطقس واحد، فلقوته فيه يغلب طبائع الاسطقسات الباقية، ويبطل قواها، ويصير ذلك المركب في حكم الوسط ولم يضاده شيء من السباع العادية، فتربى الطفل ونما واغتذى بلبن تلك الظبية إلى أن يأخذ منها شيئاً فلما باشرها أحرقت يده فلم يستطع القبض عليها فاهتدى إلى أن كمل خلقه، وتمت أعضاؤه، وحصل في حد خروج الجنين من البطن، واستعانوا في وصف كمال ذلك بتلك الطينة الكبيرة المتخمرة، وأنها كانت قد أدركت بالفعل تارةً، ثم صارت.


شاركنا رأيك

بريدك الالكتروني لن يتم نشره.